الحافز يعني امتلاك رغبة في فعل شيء ما، يُقال أنك لديك حافزاً للدرس إذا كنت بالضبط ما تريد أن تكتسب من دراستك وترغب وتهتم فعلاً في تحصيله. ويُعتبر الشخص راغباً بالقيام بعمل ما عندما يدرك تماماً ما هو المطلوب والمتوقع منه ويعرف لماذا عليه تأديته.
إذا تمعنت لدقيقة، علمت مدى أهمية الرغبة. ما هو مقدار ما تتذكره من شرح المعلم في الصف؟ توقف الآن وفكّر ما هو المقدار الذي تتذكره مما يلقنه لك شخص كي يرشدك إلى كيفية القيام بعمل تملك الرغبة الحقيقية لتعلمه!
لقد تذكرت مقداراً كبيراً مما كان يقوله لك شخص يعلمك قيادة سيارة جديدة ترغب في قيادتها أكثر مما تتذكر الفصل لو كنت حاضراً في محاضرة لا ميول لك إليها، أليس كذلك؟ هذا يعود أولاً وآخراً إلى واقع أنك كنت تُحصّل شيئاً تبحث عنه وترغب في الحصول عليه، لأنك تدرك تماماً مقدار المصلحة لك في اكتسابه. في تلك الحالة، كانت لديك العوامل التي تنتج عنها الرغبة الحقيقية.
من أجل أن تكون راغباً في التحضير لدرس ما وبالتالي تتعلمه بطريقة أفضل وأسهل عليك القيام بالتالي: أولاً، حدد بوضوح ما يجب أن تحصل من ذلك الدرس أو المادة. يُدعى هذا تحديد ((الأهداف)) من الدرس. إن مرحلة ((السؤال)) في أسلوب ((عسقلم)) تعتبر إحدى الطرق للقيام بذلك. اجعل هدفك واضحاً ومحدداً.. لا تُتمتم ((يجب أن أتعلّم شيئاً عن العقيدة الإسلامية مثلاً)). فكّر ملياً وحلل بالضبط ما هي المعلومات التي يجب أن تستخرج من الدرس أو المادة، والمعلومات التي لم تكن تعلمها قبل الإقدام على ذلك الدرس ـ في هذه الحالة، ما هي العقيدة، ما هو مصدرها الأساسي، وما هو الدور الذي تلعبه في حياة الإنسان.
ثانياً، أجب على السؤال التالي: ((كيف تساعدني هذه المادة في المستقبل؟)).
تذكر أن المواد لا توضع في منهاج الدراسة لتملأ فراغاً ما في الوقت أو لتُعين هيئة التدريس والإدارة. الجواب على هذا السؤال موجود، فابحث عنه. لن يكون لديك الحافز لتدريس درساً ما إلا إذا استطعت تحديد الفوائد المجنية منه، حاول أن تربط دائماً بين المادة التي تدرسها والعمل الذي قد تتطلبه مهنتك أو الاحتياجات التي قد تقابلك، وتعلّم كلّ شيء مركزاً على أهميته وفائدته لك في ما قد تواجهه لاحقاً في مجرى حياتك.
لم توضع، على صعيد المثال، الأشعار، الروايات، أو المقالات ضمن مادة الأدب في منهاج الدراسة لتعبئة فراغ ما. إنها تساعد على فهم طبيعة الإنسان وتقدم أمثلة على تفاعل الناس مع بعضهم البعض أو مع وضع ما. إن دراسة مادة الأدب ليست تمريناً فكرياً فحسب، بل إنها تعزز قدرتنا على فهم الآخرين وعلى إدراك كيفية استعمال اللغة بأفضل طريقة.
إذا لم تنجح في تحصيل المذكور أعلاه، تذكر أن عليك معرفة المادة لتقديمها في الامتحان!
التركيز:
ونعني بذلك توجيه انتباهك الكلي أي كل مجهودك الذهني إلى المادة التي تحاول أن تتعلمها. تقديم نصف الاهتمام هو عملياً عديم الجدوى.
يقول الإمام علي (ع): ((العلم إن أعطيته كلك أعطاك بعضه وإن أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً)).
فنسبة الخمسين بالمئة من الاهتمام الذي تعطيه يَضيع حتماً. صحيح إنك عندما تعمل مع 50% فقط من انتباهك ((تستوعب)) المعلومات المعاطاة لك، لكن 50% ((الأخيرة)) في الاهتمام الواقع ما بين ((مجرد الملاحظة)) وبين الاهتمام بنسبة 100% هي التي تساعدك على فهم وتذكر المعلومات. إن نسبة 50% في التركيز تنقل الوقائع والأفكار في أُذنيك أو عينيك إلى عقلك، لكنها لن تمكنه من ((استعمال)) تلك المعلومات و ((الاحتفاظ)) بها. تتوقف المعلومات على ((حافة)) الذهن وتنجلي بسرعة إذا نُسب إليها مجرد 50% من التركيز. وهذه النسبة قد لا ترفع ما تقرأ من الإدراك الحسي إلى ذاكرتك القصيرة المدى وحتماً لن تنقله إلى مستوى المعرفة الدائمة.
هناك بعض الأشياء الميكانيكية التي قد تساعدك في التركيز. إليك تمرين سهل جداً: عندما تدرس حاول أن يكون محيطك غير لافت لانتباهك. عندما تتوجه للدرس، أدخل إلى غرفة حيث القليل جداً يتبارى مع موضوع لكسب اهتمامك. قد تتعلم بينما تستمع إلى طلاب يتحدثون في الزاوية، أو بينما تشاهد التلفزيون أو تنظر إلى ثوبك الجديد أو إلى جدول كرة القدم أو إلى تذكارات في الليلة الماضية ـ لكن لماذا تختار الطريق العسير؟ لماذا لا تضع جميع هذه الأشياء بعيداً عن العين أو الأذن عندما تدرس، وحالما تنهي درسك تجلس وتتكلم وتحلم بما تشتهي وإلى أي وقت تشاء؟ لكي يكون لديك وقت فراغ حقيقي، لا تقم بعدّة أشياء في آن واحد، و ((تعلّم)) عندما ((تدرس))!
إذا اعتدت على الذهاب إلى مكان محدد في وقت ما كي تدرس، تصبح قدرتك على التركيز أسهل. هكذا تضيع وقتاً أقل لتهيئة الاستعداد النفسي لأنك بطريقة غير مباشرة تكون قد بدأت بتأهيل نفسك وذهنك للدراسة حينما تأتي إلى المكان الذي اخترته في الوقت الذي حددته عندما يتحول تكرار هذا إلى عادة لك، تكون قد أحرزت تقدماً هائلاً لأنك تكون قد هوّنت على نفسك الخوض في روتين الدراسة. بمعنى آخر، الذهاب إلى مكان مألوف في وقت منتظم للدراسة لا يساعدك على التعلم بسهولة وفعالية أكبر فحسب، بل يستبدل ((عادة التعلم)) بالإرادة العازمة.
التفاعل:
إن التعلم عملية حيوية وليس فقط عملية ((امتصاص)). إذا كنتَ كالإسفنجة، وبدون بذل أي مجهود تمتص المعلومات المسكوبة عليك، فبدون شك، يضعك المدرسون في مواقع حيث تجلس فقط وتُثقف. لكن هذا مستحيل. لستَ إسفنجة. بالأحرى، إنك مثل رجل في الملعب عليه أن يركض ويقفز ويندفع نحو الكرات المرمية ليمسك بها! التحليل الأخير يبين أن نيل الثقافة يعتمد كلياً على ((لعبك دوراً حيوياً في مواضع التعلم)) التي تفرضها المدرسة عليك عندما تواجه آراءً وحقائق وقواعد جديدة تكون في ((موضع تعلّم)) وتفاعلك مع هذه الوقائع إلخ يؤدي إلى التعلم، نتيجة أدائك في ذلك الموقع. تتعلم فقط من جراء ((مشاركتك)) في ذلك الموسع.
إن التعلم مباشرة مع مقدار تفاعلك مع إحدى مواقع التعلم ومع كيفية استخدام ذهنك في التفكر وفي استيعاب واستخدام الحقائق التي تتعلمها الجميع يعرف الفرق بين بذل مجهود لتحليل أو فهم أمر ما وبين مجرد الاستغراق فيه في حلم اليقظة. من السهل جداً أن تمدد رجليك وتسترخي جسدياً وعقلياً عندما تستمع إلى محاضرة أو تقرأ درساً وبالتالي يتدفق الكلام من المتكلم إلى أذنيك أو من صفحات الكتاب إلى عينيك. للأسف، إذا كانت أذنيك وعينيك هي الأعضاء الوحيدة النشيطة عندك، فستكون هي وحدها التي تستلم المعلومات. بالتأكيد عقلك لن يستوعب شيئاً! نعم، ستمر المعلومات عبر الأعضاء العاملة ـ الأذن والعين ـ لكن إذا كان ما دونها ساكناً وغير فعالاً ستتوقف المعلومات عندها أو تمر مرور الكرام وتذهب سدى. لن تتخطى الإدراك الحسي. سيكون الأمر تماماً كما تشاهد عشرات الوجوه في الطريق دون أن تلاحظها أو تتذكر أياً منها. لن تنتقل المعلومات إلى ذهنك، وبأقل تقدير، لن تتحول إلى ثقافة دائمة إلا إذا أعطيت عقلك دوراً فعالاً في اكتساب تلك المعلومات واستهلاكها. ((ما لم يعمل ذهنك على كسب المعلومة، لن تتعلّمها)).
تكمن نسبة كبيرة من أهمية خطوة ((التلخيص)) في أسلوب عسقلم في أنها تتطلبُ تفاعلاً قوياً من قبل القارئ. أي شيء تستطيع القيام به لتضمن أداء ذهنياً مؤكداً عندما تستمع أو تقرأ يساعد في التعلم. بما أن ساعات الحضور في الصف محددة لك في معظم الحالات فمن الأفضل أن تستفيد منها قدر المستطاع، كي لا تضطر إلى أن تمضي دقائق أو ساعات إضافية خارج الصف لتتعلم ما قدر مرّ معك خلاله.
إحدى الطرق لتعزيز التفاعل هي تدوين ملاحظات في الصف أو عند القراءة، لتكرار ما يدلي به المتكلم أو الكاتب وصياغته مجدداً بكلماتك أنت، عليك ((التفكير)) بتلك المعلومات، وهذا يُعد ((تفاعلاً ذهنياً)) عندئذ تكون في طور التعلم. يعتبر تدوين الملاحظات أيضاً إحدى أفضل الوسائل لإبقاء عقلك يقظاً ومنشغلاً بما ترى أو تسمع. وتذكر أن هكذا تفاعل ضروري بلا شك للتعلم والذي لن يتم ما لم يصدر أي تفاعل ذهني مع ما يقال أو يُقرأ.
طريقة كافية لتضمن التفاعل هو التساؤل في بداية المادة (كما في مرحلة التساؤل من القراءة)، ((ماذا يجب أن أحصل من هذا البحث؟)) حدد الأسئلة التي قد تمر أجوبتها خلال المناقشة أو المحاضرة أو الوظيفة المدرسية، وترقب الأجوبة لهذه الأسئلة. يعطيك هذا شيئاً واضحاً ومحدداً يجب تحصيله حال الاستماع أو القراءة، ويرغم عقلك، بالإضافة إلى عينيك وأذنيك على أخذ دور حيوي فعال في عملية التعلم.
التنظيم:
لن تستطيع تعلم مادة بفاعلية بمجرد حفظ المعلومات المتعلقة بها عن ظهر غيب. قبل استعمال المعلومات التي قد تعلمتها عليك أن تعني ((تنظيمها)) بشكل متناسق يبيّن الهيكل العام والصورة المتكاملة لها. عادةً، يكون في ذهن المعلم نموذج أو هيكل للمعلومات التي يريد أن يوحيها إليك. ما لم تدرك الصورة العامة التي يحاول أن يرسم ستضيع بين التفاصيل.
تذكر كم من السهل ترتيب أحجية الصورة المقطعة إذا رأيت الصورة المتكاملة أولاً. هذا المثال نفسه على محاضرة أو فصل في كتابك. إذا كوّنت الفكرة العامة للنقاط الأساسية التي يحاول الكاتب أو المعلم أن ينقل إليك، تستطيع لبلا ريب أن تتبع أية فكرة فردية وأن تستوعب بجدارة جميع المعلومات المتعلقة بها. إذا رأيت الصورة الكاملة، تستطيع أن تحدد بسهولة ودقة كل نقطة يعرضها المعلم أو الكاتب. يُعرَف هذا الإجراء بأسلوب ((الكامل إلى المتجزئ)).
عندما تتفكر لبرهة تكتشف أن الطريقة التي يحول التنظيم بها ما نتعلمه إلى ثقافة دائمة هي طريقة سهلة ووضاحة. في المرحلة الأولى، يمكن أن تترسخ في ذاكرتك الكلية والعامة بشكل مؤكد وأسهل وفي المرحلة الثانية إذا أدركت في ذهنك أكثر من المعلومات التفصيلية.
التصميم التام لموضوع ما تستطيع أن تتذكر جميع تفاصيله، فكل نقطة تفصيلية تجر معها ثانية، والثانية تجر معها أخرى، وهكذا دواليك علاوة على ذلك، إن إدراك الهدف الكامل، والهيكل العام للموضوع يساعدك على تذكر التفاصيل لأنك قد تلاحظ وجود ثغرة فيها مما يعني أن الهيكل ناقص
يتبع....